قوة الخطوات الصغيرة

كيف أعاد مشروع STEPNAU تعريف النمو في عام 2025

في عام 2025، أعادت مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية (FNF) ابتكار أحد أبرز مشاريعها وأكثرها تأثيرًا — مشروع STEPNAU، البرنامج الذي يمكّن اللاجئين والمهاجرين من تحويل أفكارهم إلى مبادرات مستدامة.
بعد عامين من تنظيم الهاكاثونات واسعة النطاق والتدريبات التقنية العامة التي شملت أكثر من 110 مشاركين، قدّمت النسخة الجديدة — MiniSTEPNAU — نهجًا مختلفًا تمامًا: نهجًا يركّز على العمق لا على العدد، وعلى الدقة لا على الحجم.

فبدلًا من جمع عشرات المشاركين في ورش عمل موحّدة، ركّزت نسخة 2025 على ما هو جوهري — احتياجات كلّ مشارك على حدة.
قدّم البرنامج تدريبًا موجّهًا، وجلسات استشارية، وخدمات متخصّصة، ليتمكّن كلّ مشارك من الانتقال من مجرّد التعلّم إلى التطبيق العملي. كان هذا التحوّل نقلةً نوعية من التعليم إلى التجربة، ومن الإرشاد العام إلى النمو الحقيقي.

إعادة تعريف الدعم

رحلة كلّ رائد أعمال مختلفة. فالبعض يحتاج إلى عملاء، وآخرون إلى وضوحٍ في الرؤية، وكثيرون فقط إلى مساحة آمنة للبداية.
وانطلاقًا من هذا الفهم، قدّم مشروع STEPNAU 2025 نموذجًا جديدًا قائمًا على تلبية الاحتياجات الفعلية للمشاركين، عبر منحهم ما يحتاجونه تحديدًا: مساحات عمل قصيرة الأمد، تدريبًا متخصصًا في التسعير والتواصل مع العملاء، ودعمًا عينيًا بسيطًا لتنظيم تدريبات تجريبية أو فعاليات إطلاق صغيرة.

هذه التدخلات البسيطة كانت ذات أثر كبير؛ إذ أتاحت للمشاركين اختبار أفكارهم ميدانيًا، واستقبال الملاحظات، وتطوير مشاريعهم بخطوات ملموسة ومنسجمة مع واقعهم.

حين تحوّل التعلّم إلى فعل

حوّل خريجو هذا العام — من دفعات 2023 و2024 — المعرفة إلى نتائج ملموسة:

• أكثر من 40 ساعة من الإرشاد والتدريب غطّت مجالات التسويق، التخطيط المالي، وتطوير المنتجات.

• أطلق مجدي منصة WeLEARN الرقمية لتبادل المهارات والتعليم.

• وسّع أحمد مشروعه CAPRS ليصبح تطبيقًا ربحيًا يخدم خمسة عملاء حتى الآن.

• فيما نفّذ ماهر وأحمد عوير وإسراء مشاريع مجتمعية ركّزت على الابتكار في الذكاء الاصطناعي، الاستدامة، وتمكين الشباب.

تُجسّد هذه النجاحات جوهر النهج الجديد: تقديم الثقة والبنية والرؤية للمشاركين كي يختبروا أفكارهم ويطوّروها وفق وتيرتهم الخاصة.

وجهة نظر المرشدين

شهد المرشدون بأنفسهم هذا التحوّل. فقد أشادوا بالانتقال من التدريب الموحد إلى الحلول العملية المخصّصة — من الحديث عن النمو إلى رؤيته يتحقّق فعليًا.
وأثبتت الدورات السريعة القائمة على مبدأ جرّب، تعلّم، طوّر فعاليتها العالية في إبقاء المشاركين متحمسين ومتقدّمين بثقة.
كما أوصى المرشدون بإضافة وحدات قصيرة حول التسعير والعرض التقديمي، وأدوات متابعة وتقييم الأداء، وجلسات متابعة لضمان استدامة التطوّر.

تأملات أكتوبر في عمّان

في 13 أكتوبر، اجتمع الخريجون والمرشدون وفريق المؤسسة في عمّان في فعالية الختام — التي لم تكن نهايةً بقدر ما كانت بداية جديدة.
فبدلًا من أن تكون احتفالية، كانت جلسة تفكيرٍ عملي؛ مساحةً مفتوحة لتبادل الخبرات حول ما تغيّر، وما نجح، وما ينبغي تطويره لاحقًا.

وخلال النقاش، تمّ الاتفاق على خارطة طريق مستقبلية تتضمّن:

• قنوات تواصل بين الخريجين عبر نشرة إخبارية ومجموعة خاصة لمشاركة الفرص.

• ورش قصيرة متخصّصة في التسعير والعرض والتواصل مع العملاء.

• أيام عرض تجريبية (Demo Days) لربط المشاريع مع المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص.

• مجموعة أدوات عملية تشمل النماذج والعقود والقوالب الإدارية.

• دعم عيني أو منح صغيرة للمشاريع الواعدة الجاهزة للانطلاق في السوق.

عكست الأجواء في القاعة روح البرنامج الجديدة — روح التعاون، والمساءلة المشتركة، والتعلّم المتبادل.

الحرية في البناء... معًا

من خلال تصميم البرنامج مع المشاركين لا لأجلهم، لم يُعد MiniSTEPNAU هيكلة مشروع فحسب، بل أعاد تعريف معنى التمكين ذاته.
فكلّ جلسة إرشاد، وكلّ فكرة تمّ اختبارها، وكلّ مشروع نضج خطوةً إضافية، كانت فصلًا من قصة أكبر — قصة امتلاك القدرة، والمثابرة، والحرية عبر الفعل.

فالتغيير الحقيقي لا يأتي دفعة واحدة؛ بل ينمو بهدوء — في الغرف الصغيرة، وفي تبادل الأفكار، وفي خطوات التقدّم المتدرّجة.
هذا العام، لم تُحرّك الخطوات الصغيرة المشاريع فقط، بل قرّبت أصحابها من رؤيتهم الخاصة للحرية.

وربما يكون هذا هو الإرث الحقيقي لمشروع STEPNAU 2025: إثبات أن اللقاء بين الإيمان بالذات وفرصة العمل يمكن أن يحوّل كل خطوة — مهما كانت بسيطة — إلى بدايةٍ لشيءٍ استثنائي.