الدورة الخامسة للشباب الأحرار
استكشاف اقتصاد السوق الاجتماعي على شاطئ البحر الميت
بين 25 و27 أيلول/سبتمبر 2025، نظّمت مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية (FNF) في الأردن النسخة الخامسة من برنامجها البارز "دورة الشباب الأحرار" تحت عنوان «اقتصاد السوق الاجتماعي». أقيمت الدورة في منطقة البحر الميت، وشارك فيها أربعة وعشرون طالبًا من الجامعة الألمانية الأردنية، حيث شكلت منصة فريدة لتعريف الشباب الأردني بالقيم الليبرالية ومبادئ الاقتصاد والريادة. ومرة أخرى، أثبت البرنامج مكانته كإحدى المبادرات الشبابية الأكثر تأثيرًا للمؤسسة في الأردن.
اليوم الأول: الريادة والإلهام
افتُتحت الدورة بالتركيز على مهارات الريادة. فقد قدّم فريق 180 Degrees Consulting تدريبًا مكثّفًا حول مهارات ريادة الأعمال، تخلله مزيج من المحاضرات النظرية والتدريبات العملية ودراسة حالة تجارية تفاعلية. وقد شجع هذا النهج المشاركين على الإبداع والعمل الجماعي والتفكير في حلول مبتكرة للتحديات الاقتصادية. واختُتم اليوم الأول بمحاضرة ملهمة ألقاها السيد عمر العلامي، خريج الجامعة الألمانية الأردنية ورجل أعمال ناجح، حيث استعرض تجربته الشخصية في القطاع الخاص، مقدمًا للطلاب مثالًا عمليًا على كيفية تحويل الطموح والاجتهاد إلى قصة نجاح.
اليوم الثاني: إدارة الأعمال والنظم الاقتصادية
شهد اليوم الثاني انتقالًا نحو إدارة الأعمال والأنظمة الاقتصادية المقارنة. تعلّم المشاركون أسس إعداد المقترحات التجارية وكيفية تطويرها، قبل الدخول في مناقشات معمّقة حول النظريات الاقتصادية العالمية. وبإشراف معالي الدكتور يوسف منصور، وزير المالية الأسبق، استعرض الطلاب ركائز الفكر الحر في السوق، والنماذج الاقتصادية المخططة ذات الجذور الاشتراكية، إلى جانب النماذج المختلطة المستندة إلى سياسات كينز. وقد أتاح هذا النقاش للمشاركين تقييم مزايا وتحديات كل نظام، وربط هذه الأفكار بالسياق الاقتصادي الأردني المعاصر، مما عزّز قدرتهم على التفكير النقدي وتقييم بدائل واقعية للتنمية الاقتصادية.
اليوم الثالث: نحو فهم اقتصاد السوق الاجتماعي
خصّص اليوم الأخير لاستعراض اقتصاد السوق الاجتماعي الذي نشأ في ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية على يد لودفيغ إيرهارد ومدرسة فرايبورغ. وقد عُرضت على الطلاب دراسات حالة من ألمانيا والنمسا والدول الاسكندنافية، مبرزة كيف يمكن الجمع بين كفاءة السوق الحر وضمانات العدالة الاجتماعية مثل التأمين الصحي والتعليم والأجور العادلة. كما شارك الطلاب في نقاشات جماعية، دافعوا خلالها عن نماذج اقتصادية مختلفة، قبل أن يقدّموا عروضهم الختامية أمام زملائهم. وانتهى البرنامج بكلمات ختامية وحفل تسليم الشهادات، تاركًا لدى المشاركين معرفة نظرية متينة وثقة عملية متجددة.
محطة بارزة في برامج الشباب
تُعد الدورة الخامسة للشباب الأحرار محطة بارزة في مسيرة برامج المؤسسة في الأردن، ليس فقط لما قدّمته من محتوى نوعي، بل لما عمّقته من قيم. فقد جمعت بين الريادة والنقاش النقدي ودراسة الفكر الاقتصادي الليبرالي، مؤكدة من جديد التزام المؤسسة بتمكين الشباب بالأدوات الفكرية والمهارية التي تؤهلهم لقيادة التغيير والابتكار. ولم يكن البرنامج مجرد تدريب أكاديمي، بل تجربة تحوّلية دفعت المشاركين للتفكير في كيفية تحقيق التوازن بين الحرية الاقتصادية والمسؤولية الاجتماعية في مستقبل الأردن.
أثر ممتد وإقبال متزايد
لقد تجاوز تأثير دورة الشباب الأحرار حدود قاعات التدريب. فمنذ انطلاقها، استفاد منها 119 مشاركًا، بينما بلغ عدد المتقدمين للمشاركة نحو 1,921 شابًا، ما يعكس الطلب الكبير على المنصات التي تمنح الشباب مساحة للحوار والتفكير في قيم الحرية والديمقراطية والفرص الاقتصادية. ويؤكد نجاح هذه النسخة الخامسة أن استثمار المؤسسة في تمكين الشباب يؤتي ثماره، عبر غرس قيم ليبرالية راسخة ستنمو مع كل جيل جديد.
نحو مستقبل يقوم على الحرية والمسؤولية
مع اختتام أعمال الدورة على شاطئ البحر الميت، كان الشعور بالإنجاز واضحًا. فقد رسّخت دورة الشباب الأحرار مكانتها كأكثر من مجرد برنامج تدريبي؛ بل أصبحت حركة فكرية تُلهم الطلاب على التفكير النقدي، ومساءلة الأفكار، وتبنّي قيم الحرية والمسؤولية. ومن خلال تمكين الشباب بالمعرفة والمهارات العملية، تسهم الدورة في إعداد قادة المستقبل القادرين على مواجهة تحديات الغد وبناء مجتمع حر وعادل.